كلمة في رثاء الشيخ عبد السلام بن برجس للشيخ علي الحلبي

رحمَ اللهُ عبدَالسلام . . .

-مِن دُعاة السنةِ ومنهج السلف -في الإسلام-

-الشيخ علي بن حسن الحلبيّ الأثريّ-

عندما يموتُ لنا صديقٌ: نحزنُ، ونأسى، ونأسفُ، ونتأثّرُ بفقده -جدّاً- . . .

فكيف إذا كان هذا الصديقُ صدوقاً، وفيّاً، محبّاً، ودوداً؟!

فكيف إذا كان هذا الصديق سُنِّيّاً، سلفيّاً، أثريّاً، داعيةَ سُنّةٍ وتوحيد، رادّاً على أهل الانحرافِ والبدع والغُلُوّ؟!

فكيف -كيف- إذا كان هذا الصديق عالماً فاضلاً، وشيخناً واثقاً، وعَلَما بارزاً؟!

. . . إنَّ هذا -كلَّه- واللهِ- لَسَبَبٌ أجلُّ في أن يتضاعفَ الحُزْن، ويعظُمَ الأسى، ويشتدَّ الأسف، ويزدادَ التأثُّر . .

وبخاصَّةٍ في زَمنٍ عَسِرٍ؛ كَثُر فيه المطلوبُ، وقلّ المساعدُ والمُعين، ولا ناصرَ إلا اللهِ!!

واللهِ؛ إنَّ حاجتنا لأمثالِ مَن هذا حالُه: كبيرةٌ، لأنّه واضحُ الفِكْر، بيِّنُ التوجُّه، ثاقبُ البصيرة، مستشرفُ المستقبلِ . . .

إنّه أخونا الوفيّ، وصديقنا الصفيّ، وحبيبنُا النقيُّ: أبو عبد الرحمن، عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم -تغمده اللهُ برحمته، وأدخله فسيحَ جنّاتهِ، وصبّر أهلَه وذويه، وإخوانَه ومُحبيه: على مرارةِ فقدهِ، وصعوبةِ موتهِ . . .

إنّ العينَ لتدمع، وإن القلبَ ليحزن، وإنا على فِراق أبي عبد الرحمن لمحزونون . . .

وليس لنا مِن سلوى نُسلّي بها نفوسنا، ونُعزّي بها أنفسَنا: أكثرُ ممّا وَرَدَ عن بعض أئمّة السلف الصالحين مِن آثارٍ تعين على احتمال المصيبة، والصبر عليها:

- قال الإمام عون بن عبد الله: «مَن مات على الإسلامِ والسنة: فله بشير بكل خير» «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (60).

- وقال الإمام الفُضيل بن عيَاض: «طوبى لمن ماتَ على الإسلام والسنة». رواه اللالكائي (268).

- وقال الإمام أيوب السَّختِياني: «إنّه ليبلغني موتُ الرجل مِن أهل السنة: فكأنّما أفقد بعضاً مِن أعضائي». رواه أبو نُعيم في «الحلية» (3/9).

. . . نحسبُه كذلك، ولا نُزكّيه على اللهِ -تعالى-.

اللهم ارحم عبدَك عبد السلام، وأدخلْه الجنّة بسلام، وألحقنا به في صالحي عبادك -في دار السلام-.

والسلام . . .

قصيدة رثاء ووفاء

قُلْ للشَّباب وللشّيوخ تصبَّروا

في فقدنا عَلَماً ومن خُسرانهِ

رَحِم الإله عُبيْدَه في قبره

رَحماتهُ بالبرِّ في إحسانهِ

هذا(السّلام)مُسلّمٌ في عَفوِه

(عبدَ السّلام) ومُكْرِمٌ بجنانهِ

هو(برجسٌ) في ذي السّماء بعلمه

قد مدَّ نوراً زادَ عن أوطانهِ

علمٌ ونهجُ رسولنا في سُنّةٍ

وبفَهم أسلافٍ عُلا بنيانهِ

أخلاقهُ آدابهُ وفضائلٌ

عزَّ النّظير نظيرهُ عن شانهِ

ولسانهُ عذْبُ الكلام وسَلْسَلٌ

وكأنّه منه صدى ألحانهِ

أمّا التبدّع والتحزّب إنّه

يكويهمُ منه لظَى بركانهِ

وكذا المكفّر والجهالة رمزُه

هو عنده عنوان ذلِّ هوانهِ

وكذا الفويسق والكفور لربّه

قد ضلّ بالكفران في طغيانهِ

وكذاك دعوته بكلِّ وسيلةٍ

في الحقِّ كان الحقّ طَوْع بنانهِ

إخلاصهُ ووفاؤهُ قُلْ بذلهُ

عمّ الذّرى بل طفّ عن بلدانهِ

داعٍ إلى الحقِّ الحقيق بحجّةٍ

بل مُمسكٌ فيه بغَرز عنانهِ

قد نال دوماً في القلوب مكانةً

بتودُّدٍ منه مدى أزمانهِ

والعدل في الأحكام رأسُ طريقه

من غير فَرْقٍ بين ذا وفلانهِ

هذا وربِّي دأبهُ قلْ نهجهُ

هذا وربِّي قلْ عِيار وِزانهِ

فانظر إلى كُتْبٍ له منشورةٍ

ككتاب حُكَّام ٍبلا كتمانهِ

وكذا كمُعتقدٌ له في صحّةٍ

من آخر التّصنيف في عرفانهِ

وله تآليفٌ لطيفٌ سبْكُها

من سنّة الهادي كذا قرآنهِ

مع حُسن ترصيفِ الكلام بدقّةٍ

قد زادها فضلاً جمالُ بيانهِ

والله قد كُسرتْ قلوبُ أحبةٍ

من شامنا حتى إلى تطوانهِ

هم إخوةٌ جُمعوا بظلِّ مناهج

والحقُّ يعلوهم بعزِّ مكانهِ

بالعلم قال الله قال رسوله

هذا احتجاجُ الحقِّ في برهانهِ

لا بتأقلمِ أو تحزّبِ فِرقةٍ

هذا سبيلٌ شذَّ عن رجحانهِ

زِدْ أنّه سُوء البلاء حقيقةً

فمُناقضٌ للعدل بل إيمانهِ

باب الأخوّةِ دون هذا موصدٌ

بل أُشرعتْ فيه كُوى حرمانهِ

فالله يُنجينا برحمةِ فضلهِ

من لحظةِ الموتِ رضا غفرانهِ

في القبر تحت الأرض أيضاً رحمةً

فيها النّجاة من بلا فتّانهِ

أمّا الحساب فعند ربّ الكون

إذ جُلَّ المُنى في البُعد عن نيرانهِ

والله لن يُخزي الإله مُوحداًّ

يدعو إليه بفعله ولسانهِ

أمّا المخالفُ للصواب فإنّه

حلَّ به اضمحلالُ مثل دخانهِ

عبدٌ لهذا الربِّ عبدٌ صادقٌ

يحميه ربِّي عزَّ في سلطانهِ

فالله يرحمهُ الكريم بفضلِه

رحماتِ خيرٍ إنّه بضمانهِ

من غير تزكيةٍ له في ربّه

لكنّ هذا الظنّ في حسبانهِ

هذا القصيدُ كتبتهُ في مجلسٍ

من غير تَزيينٍ ولا حيرانهِ

تِلكم عقودٌ أربعٌ لم تكتملْ

عدد السنين إلى ملا أكفانهِ

هي نفسها أعداد تأليفاته

رَوْحٌ له بالطِّيب مع ريحانهِ

والله أولى بالعباد من الذي

أدمى العيونَ وكَلَّ في أجفانهِ

القائمة البريدية

Twitter

Facebook

Youtube